يا نورَةِ الهَجرِ حَلَّقَت الصَفا لِما بَدَت لي ليفَةُ الصَد يا مِئزَرُ الأَسقامِ حَتّى مَتى تَنقَعُ في حَوضٍ مِنَ الجُهدِ أَوقَد أَتونَ الوَصلِ لي مَرَّةً مِنكَ بِزَنبيلٍ مِنَ الوُد فَالبَينُ مُذ أَوقَدَ حَمامَة قَد هاجَ قَلبي مَسلَخ الوَجد أَفسَدَ خَطمي الصَفا وَالهَوى نَخالَة الناقِضِ لِلعَهدِ
الجاحظ
الجاحظ الكناني هو أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب بن فزارة الليثي الكناني البصري (159 هـ-255 هـ) أديب عربي كان من كبار أئمة الأدب في العصر العباسي، ولد في البصرة وتوفي فيها.
كفى أدبا لنفسك ما تراه
كَفى أَدَباً لِنَفسِكَ ما تَراهُ لِغَيرِكَ شائِناً بَينَ الأَنامِ
لا تراني وإن تطاولت عمدا
لا تَراني وَإِن تَطاوَلتَ عَمداً بَينَ صَفيهِم وَأَنتَ تَسيرُ كُلُّهُم فاضِلٌ عَلَيَّ بِمالٍ وَلِساني يَزينُهُ التَحبيرُ فَإِذا ضَمنا الحَديثِ وَبيتَ فَكَأَنّي عَلى الجَميعِ أَميرُ رُبَّ خَصمٍ أَرق مِن كُلِّ روح وَلِفَرطِ الذَكا يَكادُ يَطيرُ فَإِذا رامَ غايَتي فَهوَ كابَ وَعَلى البُعدِ كَوكَبُ مَبهور
بخدي من قطر الدموع ندوب
بِخَدّي مِن قَطرِ الدُموعِ نَدوبُ وَبِالقَلبِ مِنّي مُذ نَأَيتُ وَجيب وَلي نَفس حَتّى الدُجى يَصدَعُ الحَشا وَرَجعُ حَنينٍ لِلفُؤادِ مُذيب وَلي شاهِدٌ مِن ضَرِّ نَفسي وَسَقمِه يُخبِرُ عَنّي أَنَّني لَكَئيب كَأَنّي لَم أَفجَع بِفِرقَةِ صاحِب وَلا غابَ عَن عَيني سِواكَ حَبيب
لئن قدمت قبلي رجال فطالما
لَئِن قَدَّمتَ قَبلي رِجالً فَطالَما مَشيتُ عَلى رِسلي فَكُنتُ المُقدِما وَلكِنَّ هذا الدَهرَ تَأتي صُروفَهُ فَتُبرِمُ مَنقوضاً وَتَنقِضُ مُبرِما
قد عجن الهجر دقيق الهوى
قَد عَجَنَ الهَجرُ دَقيقَ الهَوى في جَفنَةٍ مِن خَشَبِ الصَد وَاِختَمِرِ البَينِ فَنارَ الهَوى تَذكي بِسَرجَينِ مِنَ البُعدِ وَأَقبَلَ الهَجرُ بِمِحراكِهِ يَفحَصُ عَن أَرغِفَةِ الوَجدِ جَرادِقُ المَوعِدَ مَسمومَة مَشرودَة في قَصعَةِ الجُهدِ
وعويص من الأمور بهيم
وَعَويصُ مِنَ الأُمورِ بَهيم غامِضِ الشَخصَ مُظلِم مَستور قَد تَسَهَّلتَ ما تَوَعَّرَ مِنهُ بِلِسانٍ يَزينَهُ التَحبير مِثلُ وَشيِ البُرودِ هَلهَلَه النَس جُ وَعِندَ الحِجاجِ دَرُ نَثير حُسنُ الصَمتِ وَالمَقاطِع أَما نَطقُ القَومِ وَالحَديثِ يَدور ثُمَّ مِن بَعدِ لَحظَة تَوَرَّثَ اليُس رُ وَعرض مُهذب مَوفور
إن حال لون الرأس عن حاله
إِن حالَ لَونُ الرَّأسِ عَن حالِهِ فَفي خِضابِ الرَأسِ مُستَمتِعُ هَب مَن لَهُ شَيبٌ لَهُ حيلَة فَما الَّذي يَحتالَهُ الأَصلَعُ
لو كنت لا أهدي إلى أن أرى
لَو كُنتُ لا أَهدي إِلى أَن أَرى شَيئاً عَلى قَدرِكَ أَو قَدري لَكُنتُ أَهدي سَدرَةَ المُنتَهى تَرفَلُ في أَثوابِها الخَضرُ
أرى للكأس حقا لا أراه
أَرى لِلكَأسَ حَقّاً لا أَراهُ لِغَيرِ الكَأسِ إِلّا لِلنَّديمِ هُوَ القَطبُ الَّذي دارَت عَلَيهِ رَحى اللَذّاتِ في الزَمَنِ القَديم